بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى {اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} الإسراء14
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيئوا للعرض الأكبر" يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ"
هـــل لك أن تمحـــو الذنوب بعبـــــرة وتبــــكي عليهــــا حســـرة وتندمــــا
وتستقبـــل العـــام الجديـــد بتوبـــــــة لعــــلك أن تمحــــو بهـــا مـا تقدمــــا
بعد يومين سيمضي عام دون أن نشعر !! وكأنه شهر، طوى معه أحداثاً ومواقف كثيرة بينها أحزان وأفراح.
عام عاد البعض فيه إلى الله وابتعد آخرون !!، زاد هذا العام من عمرنا وقربنا من يومنا، وسيسلمنا لعام جديد
" إنا لنفرح بالأيام نقطعها ********* وكل يوم مضى نقص من الأجل"
فمـا أحوجنا في هذه اللحظة الفارقة أن نحاسب أنفسنـــا على الماضي قبل أن تأتي ساعة الحساب فنندم على الأخطاء ونستدرك ما فات وفي الأجل بقية وفي الوقت فسحة لهذا الاستدراك، ولنعد للمستقبل عدته من القلب المنقى والسريرة الطيبة والعمل الصالح والعزيمة السباقة إلى الخيرات، والمؤمن أبداً بين مخافتين بين عاجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه.. وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الهرم، ومن الحياة قبل الموت، ومن عرف حق الوقت فقد أدرك قيمة الحياة فالوقت هو الحياة وحين تطوي عجلة الزمن عاماً من أعوام حياتنا لنستقبل عاما آخر نقف على مفترق الطريق .
قال الإمام ابن القيم : إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها .
وقال أيضاً رحمه الله : أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها .
وقال حسن البصري رحمه الله: ما من يوم ينشق فجره إلا نادى مناد: يا ابن آدم، أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أرجع إلى يوم القيامة.
كان إبراهيم النخعي يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي إليه ويقول: اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل ،
وكان الضحاك يبكي آخر النهار ويقول: لا أدري ما رُفع من عملي، يا من عمله معروض على من يعلم السر وأخفى لا تبهرج فإن الناقد بصير .
وها نحن نقدم الخطى لنعبر نهاية عام منصرم يودعنا، بكل لحظاته، بكل أيامه،،، ترى هل كان شاهداً لنا أم علينا...؟؟
فـلا تتركوا إخوتي هذا العام ينصرم دون أن تقضوا مع أنفسكم وقفة صدق وتراجعوا علاقاتكم (مع الله ومع العباد)
كم هي ميزانيتنا الحقيقة التي ستنفعنا في آخرتنا؟؟
كم جمعنا من الأعمال الصالحة، وكم كتبت علينا سيئة ؟
كم صلاة لم نؤديها في وقتها، وكم صلاة فجر فوتنا ؟
كم مرة استيقظنا من نومنا لنؤدي قيام الليل ؟
كم من السنن الرواتب فرطنا بها؟
كم سورة حفظنا في هذا العام ؟ أو على الأقل كم جزءًا قرأنا خلال 365 يوما الماضية؟
كم سورة أو آية فسرنا خلال الأثنى عشر شهرا ؟
كم يوم صمنا تطوعاًَ خلال العام الذي يفارقنا؟
كم حديث للرسول صلى الله عليه وسلم قرأنا أو حفظنا؟
كم محاضرة حضرنا؟
ماذا قدمنا خدمةً للإسلام و المسلمين؟
كم مرة تصدقنا، وكم فقير وعاجز ساعدنا ؟
كم مريض زرنا، وعلى كم جنازة صلينا؟
كم مرة أمرنا بالمعروف، ونهينا عن المنكر؟
كم مرة دعينا لأخواننا المجاهدين، و أن يفك الله أسرى المسلمين ، و يعز الإسلام والمسلمين؟
كم مرة دعينا لشبابنا وفتياتنا بالهداية؟
كيف نُقيّم أنفسنا خلال ما فات ؟
و كيف نعد أنفسنا لسنةٍ جديدة من الطاعات؟ وماذا عن تاسوعاء وعاشوراء فها هي قادمة؟
اللهم لا تجعلنا ممن شغلته دنياه عن آخرته
*********
وقبل أن ينطوي العام... أطلب العفو والصفح والسماح من الجميع .. معتذرة عن كل ما بدر مني من إزعاج أو إساءة بقصد أو بغير قصد فأعفوا عني عفا الله عني وعنكم.
وأسأل الله أن لا يطوي صفحـة آخر يوم من عامنا هذا إلا ساترا عوراتنا، ماحياً سيئاتنا، قابلا توبتنا، مستجيبا لدعوتنا